کد مطلب:240994 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:113

کل ما فی الخلق لایوجد فی خالقه
كلمة من كلمات خطبة الرضا علیه السلام التی رواها الصدوق و قد مر غیر مرة التكلم عن نبذة منها: «جنبتها «لولا»التكلمة» [1] إلی أن قال علیه السلام:

«افترقت فدلت علی مفرقها، و تباینت فأعربت عن مباینها لما تجلی صانعها للعقول، و بها احتجب عن الرؤیة، و إلیها تحاكم الأوهام، و فیها أثبت غیره، و منها أنیط الدلیل، و بها عرفها الإقرار، و بالعقول یعتقد التصدیق بالله، و بالإقرار یكمل الإیمان به، ولادیانة إلا بعد المعرفة، و لامعرفة إلا بالإخلاص، و لاإخلاص مع التشبیه، و لانفی مع إثبات الصفات للتشبیه فكل ما فی الخلق لایوجد فی خالقه، و كل ما یمكن فیه یمتنع من صانعه...» [2] .

قوله علیه السلام: «افترقت فدلت علی مفرقها، و تباینت فأعربت عن مباینها» ضمائر التأنیت كلها عائدة إلی الأشیاء المذكورة قبلا من الخطبة.

یرید علیه السلام بافتراق الأشیاء بعضها عن بعض الدلالة علی أنه عزوجل لاافتراق فیه بل هو المفرق بینها كما أن تباینها معرب عن الذی باینها و أنه لاتباین فیه علی حد بقیة الكلمات من الخطبة التی منها «بتجهیره الجواهر عرف أن لا جوهر له»، [3] و نظائر ذلك مما یعرف الشی ء بنفی ضده، علی حد المثل السائر «تعرف الأشیاء بأضدادها» [4] .

قوله علیه السلام: «ما تجلی صانعها للعقول» متعلق بالافتراق و التباین المذكورین قبله أی حیت ظهر للعقول صنعه تعالی عرفت مفارقتها و مباینتها له و أنه تعالی عنها.

و فی كلام أمیرالمؤمنین علیه السلام: «بها تجلی صانعها للعقول». [5] ما ینطبق



[ صفحه 368]



علی بعض نسخ الخطبة الرضویة، و علیه فالجملة مستأنفة فافهم إن شاء الله تعالی.

قوله علیه السلام: «و فیها أثبت غیره و فی نسخه «عزه». [6] أی قدرته تعالی فی خلق الأشیاء المختلفة التأثیر أو محبوبیته تعالی لأن العارف إذا نظر إلیها عرف أنه الرحیم بعباده. و أما لفظ «غیره» فهو التغیر أی أثبته فیها و هو آیة الحدوث للدلالة علی قدمه و أزلیته، و الأولی هی الأولی.

و ضمیر «و منها أنیط الدلیل» عائد إلی الأشیاء المذكورة قبلها أی من الأشیاء ما یتأتی الدلیل علیه تعالی لأنها صنعه المتقن الدال علی صانعها العالم المقتدر جل جلاله و كل ذلك بموهبة العقل و التفكر فیها و لذا قال علیه السلام: «و بالعقول یعتقد التصدیق بالله» و لابد من المعرفة الكافیة و لولاها لما قام للدین عمود و لما اخضرله عود.

و أما حصول المعرفة فلا یمكن إلا بالإخلاص و لاإخلاص إلا بترك التشبیه و القیاس بصفات المخلوق لأنه لایقاس بالناس و لاتجری علیه صفاتهم و لاغیرهم من الخلق الفانی.

و كما قال أمیرالمؤمنین علیه السلام: «و كمال الإخلاص له نفی الصفات عنه». [7] و قبله: «و كمال توحیده الإخلاص له» و هو الذی یریده الإمام الرضا علیه السلام هنا لأنهما من ثدی واحد یرتضعان.

قال ابن أبی الحدید:

فالمراد بالإخلاص له هاهنا هو نفی الجسمیة و العرضیة و لوازمهما عنه؛ لأن الجسم مركب، و كل مركب ممكن، و واجب الوجود لیس بممكن. و أیضا فكل عرض مفتقر، و واجب الوجود غیر مفتقر فواجب الوجود لیس بعرض - الی إن قال: - فمن عرف وحدانیة الباری و لم یعرف هذه الأمور كان توحیده ناقصا، و من عرف هذه الأمور بعد العلم بوحدانیته تعالی فهو المخلص فی عرفانه جل اسمه و معرفته تكون أتم و أكمل [8] .

من أراد المعرفة الكاملة فلابد من اتباع المعصومین علیهم السلام و انتهاج نهجهم و الركوب فی سفنهم الناجیة حتی ینجو من الغرق فی الشكوك و الجهالات.



[ صفحه 369]



و منهم الإمام الرضا علیه السلام فیجعل كلمته القیمة و هی قوله علیه السلام: «فكل ما فی الخلق لایوجد فی خالقه، و كل ما یمكن فیه یمتنع من صانعه» مقیاسا لمعرفة التوحید الخالص.

و كلمة الفاء دالة علی التفریع لما تقدم لأن كل ما سبق من الكلمات هو عدم إمكان جریان صفات المخلوق علیه تعالی لحدوثها و مغایرتها و افتقارها و نقصها الذاتی و لایتأتی واحد من هذه المعانی فی الله لقدمه و أزلیته، و دوامه و غناه و كماله الذاتی المطلق و العقل قاض بذلك كله.

و لعمری أن حدیث كمیل من السؤال عن الحقیقة و جواب أمیرالمؤمین علیه السلام فی آخره: «اطف السراج فقد طلع الصبح». [9] جدیر بالنظر إلیه و البناء علیه و قد تكلمنا عنه تفصیلا فی الأمثال و الحكم العلویة [10] سندا و دلالة و جهات أخری و الحمد الله تعالی.



[ صفحه 370]




[1] حرف الجيم مع النون.

[2] التوحيد 40 - 39.

[3] حرف الباء مع التاء.

[4] أمثال و حكم 548:1.

[5] النهج 76:13، الخطبة 232.

[6] هامش التوحيد 39.

[7] النهج 72:1، الخطبة 1.

[8] شرح النهج 74:1.

[9] حرف الهمزة مع الطاء.

[10] مخطوط.